أصدر سماحة العلامة السيّد علي فضل الله بياناً لمناسبة ذكرى اندلاع الحرب الأهليّة اللبنانيّة في 13 نيسان 1975، وجاء فيه:
"إنّ إيماننا كبير بوعي اللّبنانيّين بضرورة نبذ لغة الحرب الّتي حفرت بآلامها عميقاً في الذَّاكرة والوعي والضَّمير، وهو ما يجعلنا نرجّح عنصر الأمل في إمكانيّة أن نستعيد لهذا الوطن وحدته الراسخة، ودولته القوية العادلة.
وإذ لا يسعنا إلّا أن نقدِّر للّبنانيّين، بجميع فئاتهم، إيمانهم بحفظ هذا الوطن، رغم كلّ ما يعيشونه من معاناة على جميع صعد الحياة، نريد منهم الحفاظ على ما قدَّموه من تضحيات وفّرت الحماية لبلدهم، وساهمت في تحريره من الاحتلال الصّهيوني ومواجهة الإرهاب، والاستمرار في هذا التعالي والرفض لكلّ أبواق الفتن، ولكلّ ألوان التّحريض الداخليّة والخارجيّة الّتي أرادت العودة بهم إلى أجواء الحرب المشؤومة، فأبقوا بلادهم بعيدة عن نيران الحروب المشتعلة في الجوار، على الرّغم من ارتفاع حدّة السجال الداخلي حول العديد من القضايا، وتوافر الظروف والمعطيات والإغراءات والضغوط التي كانت تدفع نحو الانخراط فيها.
ورأى سماحته أنَّ التحدّي الأبرز الذي يشكِّل النجاحُ في مواجهته نقلةً نوعيّةً في حياة الوطن، هو في قدرتنا على مراجعة الذات التي صنعت الحرب سابقاً، وتكاد تدفعنا إلى الهاوية راهناً، وذلك بالتخلّص من الذهنية الفئوية والعصبوية التي تهيمن على تفكير الكثير من القوى السياسية وتوجّهاتها، وهي التي تزرع الهواجس بين اللّبنانيّين بعضهم تجاه بعض...".
وطالب القيادات السياسية بالكفّ عن تغطية الارتكابات، وأن تبذل كلّ ما في وسعها لتدارك ما فات، وأن تقوم بمسؤوليّاتها تجاه شعبها، وأن تلتزم بما وعدت به في اعتماد النزاهة والشفافية في إدارة موارد البلاد، وإعادة تفعيل كلّ مؤسّسات الدولة الرقابية، والتمسّك بقاعدة الحاجة والكفاءة في التوظيف، وتعزيز استقلاليّة السلطة القضائيّة وتطهيرها من كلّ شائبة، وقبل كلّ شيء، التخفيف من ثقل الأزمات الاجتماعية والمعيشية، فلا نحمّل النّاس ضريبة البناء، بعدما دفعوا غالياً ضريبة ما حدث من ارتكابات.