على الرغم من تمادي الاحتلال في غيّه، وقمعه للمواطنين الفلسطينيّين، واعتداءاته اليومية المتكرّرة، يرغب أهالي غزة المحاصرة في استقبال الشهر الكريم والخروج كالمعتاد إلى الأسواق والمحال والتسوّق باللوازم الرمضانية، رغم أصوات القصف وأزيز الرصاص وهدير الطائرات والحصار. فرغم استمرار القصف الإسرائيلي على المناطق الشرقيّة لقطاع غزّة، خرج سكان القطاع من منازلهم إلى الأسواق الشعبيّة المركزيّة والمحلات لشراء الموادّ الغذائيّة وبعض لوازم السفرة الرمضانيّة. ففي سوق الزاوية - أقدم الأسواق التاريخيّة في غزة - يبدأ الناس بالقدوم منذ ساعات الصباح إلى السّوق، يشترون الفوانيس الرمضانيّة، ويشترون كلّ حاجاتهم المنزليّة في السوق منذ الصباح. اشتداد الأزمة الاقتصادية على مجتمع غزة لم يمنعهم من الرغبة في إحياء أجواء الشهر الكريم وطقوسه، من شراء اللّوازم المنزلية، والمكوث في المساجد، والتنزه ليلاً ككلّ عام. الشهر الفضيل فرصة سانحة للشّباب كي يمارسوا بعض الأعمال التي يرتزقون منها في ظلّ المعاناة والحصار، من صناعة الحلويات كالقطايف، أو بيع الخضروات، فيما يبيع آخرون العصائر التي تروج في شهر الصّيام، ما يخلق لهم فرصة موسمية للحدّ من فقرهم المدقع. فآلاف الشبان الغزيين الذين باتت فرص العمل لهم نادرة في القطاع، تقدَّر نسبة البطالة بينهم بنحو 60%.، حتى إن هناك شباباً جامعيّين في غزة يعملون في رمضان بوظيفة مسحراتي. محللون يقولون إن هذه المهن الموسميّة كانت في الماضي توارثية مرتبطة بعدد محدود من العائلات في غزّة، ولكن اليوم في ظلّ وجود نحو 200 ألف عاطل من العمل في غزة، وفرص العمل التي تكاد تكون منعدمة بسبب الحصار، فإنها باتت قبلة للكثير من الشبّان الذين يبحثون عن مصدر للرزق. فالحصار، وتعرّض غزّة لثلاث حروب، قضى على أي فرصة عمل للخرّيجين الذين كان أمامهم قطاعان مهمّان للوظائف، هما القطاع العامّ والقطاع الخاصّ، الأوّل توقف بسبب الانقسام، والثاني أنهكه الحصار والحرب. ويأمل الفلسطينيّون أن يرتاحوا يومًا من العدوّ الجاثم على صدورهم، والّذي سرق أحلامهم، ويمارس الطغيان بحقّهم كلّ يوم، ولكنّ أملهم بانتصار إرادة الحقّ لا يضعف.